علم و وطن و نساء

بعد حادثة تنكيس العلم التونسي من قبل عنصر سلفي في كلية منوبة بتونس، كانت المواقف متشابهة من قبل الأحزاب و الطلبة و المجلس التأسيسي … العلم كان بمثل الوطن، من مس العلم ، مس الوطن. طريقتي في التحليل تحثني على التركيز على الشاب السلفي الذي دنس علم بلاده و أجداده و الطالبة خولة الرشيدي التي استفزها هذا المشهد و قامت برد الفعل بكل عفوية …

العلم رمز السيادة ، و لاحظنا أن الشعب التونسي كان واعي برمزية العلم، و هذا بالنسبة إلى التخوفات المبالغ فيها في بعض الأحيان دليل على أن الشعب التونسي متماسك و لن يقبل بثقافة و منهج دخيل عليه أن يفرض نفسه بهذه السرعة. و من أحسن الصدف أن تكون إمرأة هي التي تصدت إلى سلفي، فالتناقض بين المرأة العفوية التي تدافع عن علم بلدها و السلفي ” المتنور ” الذي يزج بها في الأرض ، كانت محل الضربة القاضية التي أفاضت القلم و الاعلام و بررت للعديد أن السلفية هي رجعية رغم الخطاب المتلاعب و المدافع عن السلفية في بعض النخب دفاعاً عن حرية التعبير … ولكن السلفية بينت بهذا المشهد المريب تعاملها مع المرأة ، الوطن و كل من يخالفهم فبذلك اقصو أنفسهم بطريقة حقيرة بالتعدي على رمز التضحية ضد الاستعمار و الاستبداد . شجاعة هذه المرأة الطالبة ذكرتني بقصيدة أولاد أحمد التي أهداها صفية فرحات و باقي النساء الديمقراطيات :

كتبت
كتبت
فلم يبق حرف
وصفت
وصفت
فلم يكف وصف
أقول ، إذاً ، بإختصار و أمضي
نساء بلادي :
نساء و نصف.

قراءة للواقع السياسي التونسي

بعد أكثر من عام على الثورة التونسية، و قرابة 3 أشهر بعد أول إنتخابات نزيهة و شفافة في العالم العربي وجب علينا الرجوع على تطور الساحة السياسية التونسية لفهم بعض التحركات في الخطابات و ردود الأفعال و نضج التجربة التونسية.

الساحة السياسية مسيطر عاليها من قبل حركة النهضة، هذا لا شك فيه و لكن رغم ذلك شخصيا أعتقد أن الحركة شهدت بعضاً من التراجع في بعض من قواعدها، و الحراك الوارد على الساحة من الوجود المتواصل لبعض الحركات السلفية و بعض المظاهر الدخيلة على المجتمع التونسي قد تكون أثرت على الأصوات التي كانت ترى في النهضة كالحزب الوحيد الذي يمكن  الثقة فيه، لكن تطور الخطاب و بطء الحكومة النهضاوية في بلورت و التعامل مع الواقع الاجتماعي وطريقة التعامل مع المعارضين و الاتحاد العام التونسي للشغل اعطت  صورةً إلى الرأي العام بأن هنالك نوعاً من التخاذل مع مطالب مشروعة و إحالة البلبلة بطريقة مستمرة تقوم ببث نوع من الإحباط على الجو العام للنقاش في الشارع التونسي و على مستوى النخب .

بألنسبة إلى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية و التكتل من أجل العمل و الحريات، و هي أكبر  احزاب اليسار الوسطي إلى حد الأن و رغم المغالطات التي نسمعها، اليسار يحكم مع النهضة الأن. حزب التكتل في مرحلة من الركود منذ بعض الأسابيع ولكن ثقتي بأن هذا الحزب سيفرض نوع من الإعتدال في الخطاب و رئاسة المجلس التأسيسي اثبتت ذلك في الماضي و لكن إلى الأن التكتل يشكو من تحالف الديمقراطي التقدمي الذي منفك عن التلاعب بالناخبين على مستوى منهجه السياسي و الذي وجد فرصة لضرب منافسيه في الوسط و اليسار و لكن هذا يبقى رهن تحقيق تحالفه الوسطي و الذي لم أفهم تبلوره إلى الأن لأن حزب أفاق تونس لبرالي كحركة النهضة، التجديد ذو خلفية شيوعية و لكن أقربه في نظري إلى حزب التكتل و حزب العمل التونسي ، الديمقراطي التقدمي كان ومازال متذبذب إلى الان  في مشروعه الإنتخابي. من ناحية أخرى نرى إلتفاف حول الباجي قائد السبسي و هو يمثل التوجه البورقيبي  و إلتفاف بعض من بقايا التجمعين الحقيقين حول مشروعه و يمكن لهذا التوجه أن يشهد تطور سريع نظراً لاقتراب من البداية في صياغة الدستور فرجوع التكتل و المؤتمر و إنتهاء التحالف نهضة – تكتل – المؤتمر الذي أذكر أنه إلى الأن هو إلتفاف إلا على مستوى الحكومة و لكن ليس على مستوى المجلس التأسيسي قد يبعثر أوراق الديمقراطي التقدمي …

لماذا أرجع إلى الكتابة

التمسك بالكتابة في مدونة ليس بالسهل. و لكن منذ أن بدأت في التدوين تخاذلت كثيراً عن ما اسميه بطول النفس. في العامية يسميني البعض ب-” القلوقي ” و ” نفحاجي” و بطبيعة الحال لن أنكر ذلك، انما أحاول في كل مرة أن أرجع إلى الكتابة، و أسرد ما في ذهني من خواطر و مواقف. فلذلك رجوعي إلى الكتابة حبيتو اكون فيه نوع من المجادلة الشخصية بجدوى الكتابة. أردت التساؤل لماذا اكتب ؟ وجدت أن الكتابة متعلقة بمخيلتي بحيث أن انسان لا أكف على مطارحة نفسي كل الوقت، و في الكتابة نوع من تسريب ما في داخلي من تجاذبات و حاجة أهم … إليوم أصبح الانسان يعيش في محيط فيه كم هائل من الصور و النصوص و فيديو و… و لكن عايش في عزلة نوعية، و وجدت أن الكتابة هي نوع من التعبير الخارجي إلى هذا الكم من المعلومات، نريد بواسطته إيقاف الزمن و وضع بسطة أو مفهوم أو ملاحضة لبيان أننا نمسك بواقعنا و لو لوهلة. رجعت إلى الكتابة لوجود تلك اللحظة التي افتقدتها في حياتي. غير أن المدونة ستحافظ على اسمها الأصلي لكن سيتم تحوير محتواها بإدراج تحليل نفسي طفيف لالمجتمع التونسي … طفيف …